بيد منقوشة أحالها العمل المضنى إلي خريطة لا يقرأها سوى خبراء الحياة وخزافيها ... يستعد عم " علي " لضرب الأرض فأسه ويبتسم وهو يعلو بوجهه هاويا علي الأرض عدة مرات .. باسما وهو يغنى أنشودة حفظها عن أبيه :
(يا أرض يا أم الجود .. بالفاس أداديكى
اليوم ارعي أديمك وبكره ابنى يراعيكي)
وبعد الانتهاء من تهذيبه لأرضه والغناء لها.. يجلس قليلا تحت التوتة العجوز التى مازالت تجود بأشهى أنواع التوت برغم عمرها الضارب في أحشاء السنين ..
يأتى حفيده ليلتصق به .. يبتسم عم "علي" لحفيده .. فيرفع الطفل عينيه إلي جبين جده ليعد التقاسيم المرسومة عليها ويقول له .. يقولون يا جدى أننى أشبهك تماما !! فأين تقاسيم جبينك .. لماذا لم ترتسم علي جبينى .. يا جدى .. ومن الذى رسمها؟؟
أريد ان أشبهك حقا ..
يبتسم الجد ويقول له: يا صغيري .. لا احد يشبه أحد .. فربما تكون في يوم أفضل منى آلاف المرات .. يشهق الصغير بدهشة ويقول : لا يا جدى .. أنت كبير كالنسر .. تهابه سائر الطيور .. تحلق عاليا ولا تهاب السقوط .. .. يشيح الجد بوجهه عن الطفل ويبدأ في صنع أوانيه الفخارية من طين الأرض التى تشبّع كل جسده منها .. فكثيرا ماكان الطين هو الحنة التى تُحَنْى قدميه ويديه طوال الوقت وكأنه في عرس دائم متأهباً للزفاف إلي عروسه التى يشتهيها دائما ( الأرض) !!
يتحول الطفل حيث يجعل وجه جده قبلته ويطلب منه أن يحكى له حكاية .. يبتهج الجد لأنه سيحكى عن أمجاده لحفيده أيام الشباب .. وكيف أنه سٌجن وعُذب من أجل هذه الارض .. وكيف كان وطنيا ثائراً علي المحتل الذي كان يعربد في أرضنا حتى هزمهم هو وأصدقاؤه وأبناء البلد الأحرار.. ثم أراد أن يخفف علي حفيده الصغير فحكى له حكاية المهرج الذي يصف فيها العلاقة بين الحاكم والمحكوم منذ الأزل .. وفي كل جكاية يطرح عليه سؤال.. ويترك له حرية الاختيار .. فهل المهرج هو الحاكم أم المحكوم ؟؟
يضحك الطفل بسذاجة بريئة ويقول الحاكم يا جدى .. فهو يراوغ ويُداهن ويقاوم ويفعل أفاعيل بهلوانية من أجل الإبقاء علي السلطة!! وبرغم ان المحكوم هو الذي يلعب داخل الحلبة ويدور ويلف ولكن الذي يضحكنا هو الحاكم بألاعيبه المستترة التى يفاجئ بها المحكوم !!
يضحك الجد من ذكاء حفيده ويقول له : ألم أقل لك أنك ستكون الأفضل؟؟
بدأ الجد بالحدوتة الأزلية: كان ياما كان .. كان فيه واحد اسمه حاكم والتاني اسمه محكوم .. كان الحاكم قويا والمحكوم لا حول له ولا قوة .. فأراد الحاكم أن يسخر من المحكوم فقال له : سأنصب لك حلبة تكون فيها كالقرد .. تلاعب شبحاً ونرى كيف تصرعه .. أو كيف يصرعك .. خضع المحكوم لأوامر الحاكم والدموع تصيح بكرامته المهدرة .. صعد الحلبة أخذ يضرب بيديه شمالا ويمينا ويتسلق أعمدة الحلبة حتى لا ينسي انه قرد .. ثم يتقلب بحركات بهلوانية في الهواء ويسقط ويقوم علي الفور حتى يهزم الشبح المزعوم!!
وفي كل حركة تحوز اعجاب الحاكم.. يُلقي للمحكوم موزة .. أو حبة فول سودانى .. وإذا لم تعجبه الحركة يلقي له بقشرة الموز.. يلتهمها المحكوم بوحشية وهو يزمجر .. فتضحك حاشيته ويبكى المحكوم .. يتعاطف الجمهور مع المحكوم فيطلق الحاكم حنجرته بأن يضحك الجمهور .. فترتفع القهقهات الباكية ..
يتظاهر المحكوم بأن الشبح صرعه ليلقي له الحاكم موزة تقيه من السقوط الحقيقي موتا من الجوع والتعب
يقهقه الحاكم وفي كل يوم يكرر اللعبة ليتسلى ويضحك.
يتثاءب الجد لينهى الحدوتة .. وينتهى من صنع الآنية ..
ينتنهد ويحاول أن يستجمع حواديته لينحت بها عقل حفيده ويزرع فيه جوانب الشجاعة والخير وحب الوطن .. يكبر الحفيد وفي رأسه آلاف الحواديت ولكن سؤالاً واحدا كان يشغله : يا ترى لو صرتُ يوما حاكما .. فهل سأكون علي شاكلة حاكم الحواديت أم أننى سأنشر العدل؟؟
وهل ستكون لحكمة جدى المحكوم دورا في حكمى؟؟؟؟
(يا أرض يا أم الجود .. بالفاس أداديكى
اليوم ارعي أديمك وبكره ابنى يراعيكي)
وبعد الانتهاء من تهذيبه لأرضه والغناء لها.. يجلس قليلا تحت التوتة العجوز التى مازالت تجود بأشهى أنواع التوت برغم عمرها الضارب في أحشاء السنين ..
يأتى حفيده ليلتصق به .. يبتسم عم "علي" لحفيده .. فيرفع الطفل عينيه إلي جبين جده ليعد التقاسيم المرسومة عليها ويقول له .. يقولون يا جدى أننى أشبهك تماما !! فأين تقاسيم جبينك .. لماذا لم ترتسم علي جبينى .. يا جدى .. ومن الذى رسمها؟؟
أريد ان أشبهك حقا ..
يبتسم الجد ويقول له: يا صغيري .. لا احد يشبه أحد .. فربما تكون في يوم أفضل منى آلاف المرات .. يشهق الصغير بدهشة ويقول : لا يا جدى .. أنت كبير كالنسر .. تهابه سائر الطيور .. تحلق عاليا ولا تهاب السقوط .. .. يشيح الجد بوجهه عن الطفل ويبدأ في صنع أوانيه الفخارية من طين الأرض التى تشبّع كل جسده منها .. فكثيرا ماكان الطين هو الحنة التى تُحَنْى قدميه ويديه طوال الوقت وكأنه في عرس دائم متأهباً للزفاف إلي عروسه التى يشتهيها دائما ( الأرض) !!
يتحول الطفل حيث يجعل وجه جده قبلته ويطلب منه أن يحكى له حكاية .. يبتهج الجد لأنه سيحكى عن أمجاده لحفيده أيام الشباب .. وكيف أنه سٌجن وعُذب من أجل هذه الارض .. وكيف كان وطنيا ثائراً علي المحتل الذي كان يعربد في أرضنا حتى هزمهم هو وأصدقاؤه وأبناء البلد الأحرار.. ثم أراد أن يخفف علي حفيده الصغير فحكى له حكاية المهرج الذي يصف فيها العلاقة بين الحاكم والمحكوم منذ الأزل .. وفي كل جكاية يطرح عليه سؤال.. ويترك له حرية الاختيار .. فهل المهرج هو الحاكم أم المحكوم ؟؟
يضحك الطفل بسذاجة بريئة ويقول الحاكم يا جدى .. فهو يراوغ ويُداهن ويقاوم ويفعل أفاعيل بهلوانية من أجل الإبقاء علي السلطة!! وبرغم ان المحكوم هو الذي يلعب داخل الحلبة ويدور ويلف ولكن الذي يضحكنا هو الحاكم بألاعيبه المستترة التى يفاجئ بها المحكوم !!
يضحك الجد من ذكاء حفيده ويقول له : ألم أقل لك أنك ستكون الأفضل؟؟
بدأ الجد بالحدوتة الأزلية: كان ياما كان .. كان فيه واحد اسمه حاكم والتاني اسمه محكوم .. كان الحاكم قويا والمحكوم لا حول له ولا قوة .. فأراد الحاكم أن يسخر من المحكوم فقال له : سأنصب لك حلبة تكون فيها كالقرد .. تلاعب شبحاً ونرى كيف تصرعه .. أو كيف يصرعك .. خضع المحكوم لأوامر الحاكم والدموع تصيح بكرامته المهدرة .. صعد الحلبة أخذ يضرب بيديه شمالا ويمينا ويتسلق أعمدة الحلبة حتى لا ينسي انه قرد .. ثم يتقلب بحركات بهلوانية في الهواء ويسقط ويقوم علي الفور حتى يهزم الشبح المزعوم!!
وفي كل حركة تحوز اعجاب الحاكم.. يُلقي للمحكوم موزة .. أو حبة فول سودانى .. وإذا لم تعجبه الحركة يلقي له بقشرة الموز.. يلتهمها المحكوم بوحشية وهو يزمجر .. فتضحك حاشيته ويبكى المحكوم .. يتعاطف الجمهور مع المحكوم فيطلق الحاكم حنجرته بأن يضحك الجمهور .. فترتفع القهقهات الباكية ..
يتظاهر المحكوم بأن الشبح صرعه ليلقي له الحاكم موزة تقيه من السقوط الحقيقي موتا من الجوع والتعب
يقهقه الحاكم وفي كل يوم يكرر اللعبة ليتسلى ويضحك.
يتثاءب الجد لينهى الحدوتة .. وينتهى من صنع الآنية ..
ينتنهد ويحاول أن يستجمع حواديته لينحت بها عقل حفيده ويزرع فيه جوانب الشجاعة والخير وحب الوطن .. يكبر الحفيد وفي رأسه آلاف الحواديت ولكن سؤالاً واحدا كان يشغله : يا ترى لو صرتُ يوما حاكما .. فهل سأكون علي شاكلة حاكم الحواديت أم أننى سأنشر العدل؟؟
وهل ستكون لحكمة جدى المحكوم دورا في حكمى؟؟؟؟